واقف مع الواقفين - خالد نعمة

 واقف مع الواقفين

 خالد نعمة


تعود هذه الظاهرة لديَّ إلى مراحل طفولتي الباكرة، أي أن يكون لي في كل عرس قرص، وقد وجدت أولى تجلياتها خلال دراستي في الصف الثاني الابتدائي بمدرسة الآسية لدى المعلمة (هدى الخوري)، وهي بالمناسبة ابنة خال أبي.

آنذاك، قررت الآنسة هدى أن تقوم بمسح لانتماء تلامذتها الديني، وقد استدعى طقس كنسي مسحها ذلك، فوفقاً للعقائد الكاثوليكية كان ينبغي على الأطفال المحسوبين على تلك الطائفة أن يتناولوا قربانتهم الأولى، وبما يعني بلوغهم العمر الذي يسمح لهم بتلقي أصول العقيدة والحصول على التربية الطائفية المناسبة.

ولذلك، فقد صرخت:

- ليقف التلاميذ المسلمون.

فوقف جميع من كان مسلماً، ووقفت معهم، فسجلت أسماء كل من وقف.

ثم هتفت:

- ليجلس الواقفون المسلمون، وليقف جميع المسيحيين.

فجلست مع المسلمين، ثم عاودت الوقوف مع زملاء الصف المسيحيين، فسجلت الآنسة هدى أسماءنا نحن الواقفين.

وللمرة الثالثة قالت:

- الآن ليجلس الجميع، ثم ليقف فقط الكاثوليكيون منكم.

فجلست، ثم نهضت مع زملائي الناهضين من أتباع المذهب الكاثوليكي المفترض، وسجلت آنستنا الأسماء، وبضمنهم اسمي أيضاً، ثـُـمَّ انتبهت إلى تكرار اسمي في المواضع الثلاثة، فصرخت في وجهي غاضبة ومزمجرة:

ـ محروق الديانة! إياك أن تنهض وتقف من اليوم فصاعداً.

لكن صرختها أسمعت من به صمم، ولم تسمعني، فأنا ما زال دأبي أن أنهض حين ينادي المنادي.

اللهم لا تجعلنا يوماً من الباركين والقاعدين والمتوانين عن النهوض، فإنك سميع مجيب على ما يقولون.




 









إرسال تعليق

0 تعليقات